مصحف الحفاظ

مُصْحَفُ الْحُفَّاظِ: قِصَّةُ تَحَدٍّ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ

كُلُّ بَحْثٍ، كُلُّ كِتَابٍ، يُوَاجِهُ طَرِيقَهُ الْخَاصَّ مِنَ الْعَقَبَاتِ، لَكِنْ تَخَيَّلُوا مَعِي بَحْثًا يَغُوصُ فِي أَعْمَاقِ كَلَامِ اللَّهِ الْمُعْجِزِ! بَحْثًا لَا يَكْتَفِي بِاسْتِكْشَافِ النُّظُمِ الْبَلَاغِيَّةِ، بَلْ يَتَجَرَّأُ عَلَى الْمُقَارَنَةِ بَيْنَ الْمُفْرَدَاتِ، وَرَسْمِ خَرَائِطَ تَقُودُ إِلَى حِفْظِهِ وَتَثْبِيتِهِ فِي الصُّدُورِ... وَبَيْنَمَا هَذَا الْعَمَلُ الدَّقِيقُ يَجْرِي، عُيُونُ الْأَعْدَاءِ تُحَدِّقُ، وَأَيَادِي الْقَمْعِ تَتَرَبَّصُ لِلِانْقِضَاضِ! أَلَا يُثِيرُ دَهْشَتَكُمْ كَيْفَ لِمُصْحَفٍ، بِكُلِّ مَا يَحْمِلُهُ مِنْ أَسْرَارٍ وَوَسَائِلَ، أَنْ يُولَدَ مِنْ رَحِمِ لَيْلِ السُّجُونِ الْمُطْبِقِ؟

هَذِهِ هِيَ قِصَّةُ التَّحَدِّيَاتِ الَّتِي حَطَّمَهَا مُصْحَفُ الْحُفَّاظِ، بِفَضْلٍ مِنَ اللَّهِ وَعَوْنِهِ.

أَوَّلًا: الشَّرَارَةُ الْأُولَى لِلْحُلْمِ

لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةً، ظَلَّ الْحُلْمُ يُلِحُّ عَلَيَّ: مُصْحَفٌ يَمْنَحُ الْحُفَّاظَ الْقُدْرَةَ عَلَى تَمْيِيزِ الْمُتَشَابِهَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ بِأَسَالِيبَ مُبْتَكَرَةٍ. حِينَ وَقَعَتْ عَيْنِي عَلَى كِتَابٍ تَنَاوَلَ جُزْءًا مِنْ هَذِهِ الْمُتَشَابِهَاتِ، شَعَرْتُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ قَطْرَةٍ فِي بَحْرٍ. هُنَا انْطَلَقَتِ الشَّرَارَةُ الْأُولَى! بَدَأْتُ رِحْلَةً مَحْمُومَةً لِجَمْعِ كُلِّ كِتَابٍ يَتَنَاوَلُ الْمَوْضُوعَ، شُهُورٌ مِنَ الْبَحْثِ الدَّؤُوبِ، وَالْفِكْرَةُ تَتَشَكَّلُ وَتَتَبَلْوَرُ فِي ذِهْنِي، خُطَطٌ عَدِيدَةٌ أُعِيدَتْ صِيَاغَتُهَا مِرَارًا، وَنَمَاذِجُ لِلصَّفَحَاتِ وَطُرُقُ الْعَرْضِ تَتَغَيَّرُ وَتَتَبَدَّلُ، حَتَّى اسْتَقَرَّ الْمُصْحَفُ عَلَى صُورَتِهِ الْحَالِيَّةِ... وَلَكِنْ، يَبْقَى فِي الذِّهْنِ دَائِمًا آفَاقٌ جَدِيدَةٌ لِلتَّعْدِيلِ، أَلَيْسَ هَذَا شَأْنَ الْعَمَلِ الْبَشَرِيِّ؟ فَسُبْحَانَ الْقَائِلِ: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82].

ثَانِيًا: مَتَاهَةُ الْبَحْثِ الْمُتَشَابِكِ

يَكْمُنُ جَوْهَرُ بَحْثِنَا فِي الْآيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ لَفْظًا، حَيْثُ تَتَشَابَكُ كُلُّ آيَةٍ مَعَ مَجْمُوعَةٍ أُخْرَى فِي جُزْءٍ، وَمَعَ مَجْمُوعَةٍ ثَانِيَةٍ فِي جُزْءٍ آخَرَ، وَتِلْكَ الْمَجْمُوعَاتُ تَتَدَاخَلُ بِدَوْرِهَا مَعَ غَيْرِهَا... إِنَّهَا مَتَاهَةٌ مُعَقَّدَةٌ! فَكُّ خُيُوطِ هَذِهِ الشَّبَكَةِ الْمُتَشَابِكَةِ، وَتَبْسِيطُهَا دُونَ إِغْفَالِ التَّفَاصِيلِ الدَّقِيقَةِ، هُوَ التَّحَدِّي الْأَعْظَمُ. جَوْدَةُ أَيِّ عَمَلٍ فِي هَذَا الْمَجَالِ تَكْمُنُ فِي قُدْرَتِهِ عَلَى تَجَاوُزِ هَذِهِ الْعَقَبَةِ. تَحْدِيدُ الْمُتَشَابِهَاتِ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ، فَالْقُرْآنُ كُلُّهُ مُتَشَابِهٌ ﴿كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر: 23]، سَوَاءٌ فِي الْحُرُوفِ أَوِ الْكَلِمَاتِ أَوِ الْجُمَلِ وَالسِّيَاقَاتِ. الْمِعْيَارُ الَّذِي اعْتَمَدْنَاهُ هُوَ مَدَى اخْتِلَاطِ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى الْحُفَّاظِ، وَهُوَ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ يَتَطَلَّبُ خِبْرَةً وَاسِعَةً وَنَظْرَةً ثَاقِبَةً. وَمَعَ مُرُورِ الزَّمَنِ وَابْتِعَادِ النَّاسِ عَنِ اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ، ازْدَادَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ صُعُوبَةً، بِسَبَبِ عَدَمِ فَهْمِ مَعَانِي الْحُرُوفِ وَالْكَلِمَاتِ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ. لِنَنْظُرْ مَثَلًا إِلَى الْخَطِيبِ الْإِسْكَافِيِّ فِي الْقَرْنِ الْخَامِسِ الْهِجْرِيِّ، الَّذِي تَحَدَّثَ عَنْ حَوَالَيْ 274 آيَةً فَقَطْ، وَقِيلَ إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَلَّفَ فِي هَذَا الْمَجَالِ. ثُمَّ جَاءَ الْكِرْمَانِيُّ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ الْهِجْرِيِّ، وَأَضَافَ مِئَاتِ الْآيَاتِ... وَهَكَذَا، مَعَ مُرُورِ كُلِّ عَصْرٍ، كَانَ الْعُلَمَاءُ وَالْبَاحِثُونَ يُوَسِّعُونَ دَائِرَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ. وَفِي مُؤَلَّفِنَا، تَجَاوَزْنَا 3000 آيَةً، وَغَيَّرْنَا وَضْعَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ!

ثَالِثًا: نُدْرَةُ الْكَنْزِ وَقِلَّةُ الْبَاحِثِينَ

عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَهَمِّيَّتِهِ، لَمْ يَحْظَ هَذَا الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ الْكَافِي مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْبَاحِثِينَ الْمُتَفَرِّغِينَ لَهُ، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ الْأُخْرَى. وَمَنْ كَتَبَ فِيهِ، لَمْ يَتَنَاوَلْ إِلَّا جُزْءًا يَسِيرًا مِنْهُ، تَارِكًا مَسَاحَاتٍ وَاسِعَةً مِنْ مُقَارَنَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ دُونَ تَغْطِيَةٍ. يَجِبُ أَنْ نُدْرِكَ أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ بَحْرٌ وَاسِعٌ، فَنَظْرَةُ بَاحِثٍ قَدْ تَخْتَلِفُ عَنْ نَظْرَةِ آخَرَ، لِأَنَّ الْمُقَارَنَاتِ تَعْتَمِدُ عَلَى اللَّفْظِ فِي سِيَاقِهِ الْخَاصِّ، وَقَدْ يَكُونُ السِّيَاقُ وَاسِعًا يَشْمَلُ السُّورَةَ بِأَكْمَلِهَا، أَوْ مَجْمُوعَةَ آيَاتٍ، أَوْ حَتَّى يَرْتَبِطُ اللَّفْظُ بِسِيَاقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ! مَهْمَا بَلَغَ عِلْمُ الْبَاحِثِ، لَنْ يَسْتَطِيعَ الْإِحَاطَةَ بِكُلِّ جَوَانِبِ هَذَا الْعِلْمِ بِمُفْرَدِهِ. كُلَّمَا ازْدَادَ عَدَدُ الْبَاحِثِينَ، تَكَامَلَتْ جُهُودُهُمْ، وَأَصْبَحَ الْمَشْهَدُ أَكْثَرَ وُضُوحًا وَالْمَعْنَى أَكْثَرَ جَلَاءً.

رَابِعًا: شَغَفُ التَّفَاصِيلِ

مِنْ قَوَاعِدِ النَّجَاحِ فِي أَيِّ عَمَلٍ هُوَ تَوْزِيعُ الْمَهَامِّ وَالْعَمَلُ بِرُوحِ الْفَرِيقِ. لَكِنْ فِي الْمُقَابِلِ، لَا يُوجَدُ مَنْ يُتْقِنُ تَطْبِيقَ فِكْرَةٍ مَا أَفْضَلَ مِنْ صَاحِبِهَا! "مَا حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ ظُفْرِكَ"، كَمَا يَقُولُ الْمَثَلُ. لِذَلِكَ، كَانَ اهْتِمَامُنَا بِالتَّفَاصِيلِ الدَّقِيقَةِ - وَيَا لَهَا مِنْ تَفَاصِيلَ! - بَالِغًا، بَدْءًا مِنِ اخْتِيَارِ الْمَادَّةِ الْعِلْمِيَّةِ، وَتَوْزِيعِهَا دَاخِلَ الصَّفَحَاتِ، وَالْأَلْوَانِ، وَتَدْقِيقِ الطِّبَاعَةِ، وُصُولًا إِلَى أَدَقِّ الْجُزَيْئِيَّاتِ، مِثْلَ تَصْمِيمِ إِطَارِ رَقَمِ الْفَاصِلَةِ وَلَوْنِهِ وَمَكَانِهِ. كُلُّ ذَلِكَ لِتَحْقِيقِ الِانْسِجَامِ وَالتَّكَامُلِ، لِتَخْدِمَ الْعَنَاصِرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، حَتَّى لَوْ تَطَلَّبَ الْأَمْرُ مُضَاعَفَةَ الْجُهْدِ وَالْمُثَابَرَةِ.

خَامِسًا: قَسْوَةُ الزِّنْزَانَةِ

صَحِيحٌ أَنَّ السِّجْنَ يُوَفِّرُ فَرَاغًا كَبِيرًا بَعِيدًا عَنِ الْأَهْلِ وَالْوَظِيفَةِ، لَكِنَّ هُنَاكَ مُعَوِّقَاتٍ أُخْرَى تُثْقِلُ كَاهِلَ الْبَاحِثِ الْأَسِيرِ، خَاصَّةً إِذَا كَانَ السَّجَّانُ عَدُوًّا يَتَرَبَّصُ بِكَ لَيْلًا وَنَهَارًا.

التَّحَدِّي الْأَوَّلُ: الْحِفَاظُ عَلَى مَادَّةِ الْبَحْثِ الثَّمِينَةِ.

يَتَّبِعُ كُلُّ أَسِيرٍ أَسَالِيبَ عَدِيدَةً لِلْحِفَاظِ عَلَى إِنْجَازَاتِهِ، يُبْقِي أَفْكَارَهُ حَبِيسَةَ الذَّاكِرَةِ، وَلَا يُخْرِجُهَا إِلَّا فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ، وَيُدَوِّنُهَا عَلَى أَوْرَاقٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَيَكْتُبُ نُسَخًا مُتَعَدِّدَةً، وَيُوَزِّعُهَا عَلَى أَسْرَى مَوْثُوقِينَ، ثُمَّ يَغْتَنِمُ أَوَّلَ فُرْصَةٍ لِتَهْرِيبِ مَا كَتَبَ خَارِجَ أَسْوَارِ السِّجْنِ، وَلَا مَجَالَ هُنَا لِلْخَوْضِ فِي تَفَاصِيلِ هَذِهِ الْأَسَالِيبِ.

لَكِنَّ بَحْثَنَا لَهُ طَبِيعَةٌ خَاصَّةٌ، وَيَتَطَلَّبُ حِمَايَةً مُضَاعَفَةً، فَلَا يُمْكِنُ إِنْجَازُهُ إِلَّا بِوُجُودِ الْمَادَّةِ كَامِلَةً بَيْنَ يَدَيْكَ، خَاصَّةً فِي السَّنَوَاتِ الْأُولَى. أَتَذَكَّرُ مَرْحَلَةً كَانَ لَدَيَّ فِيهَا آلَافُ الْأَوْرَاقِ الْمَكْتُوبَةِ، كُلُّ مُسَوَّدَةٍ تَتَضَمَّنُ آيَةً أَوْ مَجْمُوعَةَ آيَاتٍ مَعَ شَرْحِهَا، وَكُنْتُ أَعْمَلُ عَلَى تَوْزِيعِهَا عَلَى هَامِشِ الْمُصْحَفِ، لِتَتَنَاسَبَ مَعَ مَكَانِ وُجُودِهَا فِي الصَّفْحَةِ وَالْفَرَاغَاتِ الْمُحِيطَةِ بِهَا. هَذَا الْعَمَلُ وَحْدَهُ اسْتَغْرَقَ شُهُورًا، تَعَرَّضْتُ خِلَالَهَا لِعِدَّةِ تَنَقُّلَاتٍ بَيْنَ السُّجُونِ وَعَمَلِيَّاتِ تَفْتِيشٍ مُتَكَرِّرَةٍ، وَلَوْلَا لُطْفُ اللَّهِ، لَضَاعَتْ هَذِهِ الْأَوْرَاقُ، وَلَعُدْنَا إِلَى نُقْطَةِ الصِّفْرِ!

التَّحَدِّي الثَّانِي: الصُّمُودُ فِي وَجْهِ الْقَمْعِ.

خِلَالَ فَتْرَةِ الْبَحْثِ، تَعَرَّضْنَا لِعِدَّةِ هَجَمَاتٍ مِنْ إِدَارَةِ السُّجُونِ الصِّهْيَوْنِيَّةِ، الَّتِي لَا تَتَوَانَى عَنِ اخْتِلَاقِ الذَّرَائِعِ. كَانَتْ مَادَّةُ الْبَحْثِ مُدَوَّنَةً فِي دَفَاتِرَ وَكُرَّاسَاتٍ عَدِيدَةٍ، وَفِي عَمَلِيَّاتِ الْقَمْعِ، كَانَتِ الْكِلَابُ الْمَسْعُورَةُ تَعْبَثُ بِأَغْرَاضِ الْأَسْرَى، تُمَزِّقُ جُزْءًا وَتُتْلِفُ آخَرَ، وَتُلَوِّثُ الطَّعَامَ بِالْمَلَابِسِ، وَالسَّوَائِلَ بِالْكُتُبِ، هَذَا بِالْإِضَافَةِ إِلَى ضَرْبِ الْأَسْرَى وَإِهَانَتِهِمْ. شَهِدْتُ أَرْبَعَ عَمَلِيَّاتِ قَمْعٍ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، وَكَانَ أَوَّلُ مَا أَفْعَلُهُ بَعْدَ هُدُوءِ الْعَاصِفَةِ هُوَ الْبَحْثُ عَنْ دَفَاتِرِي الْمُبَعْثَرَةِ، وَكُنْتُ أَجِدُهَا بِفَضْلِ اللَّهِ مُتَفَرِّقَةً بَيْنَ أَغْرَاضِ عَشَرَاتِ الْأَسْرَى، دَفْتَرًا تِلْوَ الْآخَرِ، بَعْضُهَا مُلَطَّخًا بِالزَّيْتِ، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ بِالْمَاءِ. كُنْتُ أُجَفِّفُهَا لِأَيَّامٍ، وَحَتَّى لَحْظَةِ كِتَابَةِ هَذِهِ السُّطُورِ، لَا تَزَالُ هَذِهِ الْكُرَّاسَاتُ شَاهِدَةً عَلَى ظُلْمِ السَّجَّانِ وَمُحَارَبَتِهِ لِلْعِلْمِ. أَتَمَنَّى أَنْ أَتَمَكَّنَ يَوْمًا مَا مِنْ إِخْرَاجِهَا كَمَا هِيَ، وَلَيْسَتْ مُجَرَّدَ صُوَرٍ مُهَرَّبَةٍ أَوْ تَسْجِيلَاتٍ صَوْتِيَّةٍ.

سَادِسًا: الْمُثَبِّطُونَ

لِكُلِّ مَشْرُوعٍ مُثَبِّطُونَ، ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾ [الفرقان: 20]. كُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ يَأْتِيَ النَّقْدُ بَعْدَ تَمَعُّنٍ وَدِرَاسَةٍ، لِنَقِفَ وَنُصَحِّحَ الْأَخْطَاءَ، وَهُوَ مَا فَعَلْنَاهُ مِرَارًا. لَكِنْ مَا أَنْ يُلْقِيَ بَعْضُهُمْ نَظْرَةً عَلَى الْمُصْحَفِ، حَتَّى يَبْدَأَ سَيْلُ الْإِحْبَاطِ: "مُكَرَّرٌ، مُعَقَّدٌ، طَوِيلٌ، لَنْ يَنْتَهِيَ الْعَمَلُ فِيهِ..." هَذِهِ فِئَةٌ، وَأُخْرَى طَلَبْنَا مِنْهَا الْمُسَاعَدَةَ فَامْتَنَعَتْ، أَوْ بَدَأْنَا الْعَمَلَ مَعَهَا فَلَمْ تُنْجِزْ وَلَمْ تُتْقِنْ، فَاضْطُرِرْنَا لِلِاسْتِبْدَالِ وَالِانْطِلَاقِ. وَلَكِنْ لِلْحَقِّ، هَذِهِ وَتِلْكَ قِلَّةٌ قَلِيلَةٌ، فَالْغَالِبِيَّةُ شَجَّعَتْ وَدَعَمَتْ وَبَارَكَتْ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَمِلَ فَأَنْجَزَ وَأَتْقَنَ.

وَفِي الْخِتَامِ، مَا كَانَ لِلْحُلْمِ وَالْخَيَالِ أَنْ يَتَحَوَّلَا إِلَى حَقِيقَةٍ لَوْلَا رُوحُ التَّحَدِّي وَالْإِصْرَارِ وَالْعَمَلِ الدَّؤُوبِ، ثُمَّ الْمُتَابَعَةِ وَالِاهْتِمَامِ بِالتَّفَاصِيلِ، وَمُوَاجَهَةِ الْعَوَاصِفِ، وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ لِلْمُثَبِّطِينَ. وَاللَّهُ هُوَ صَاحِبُ الْفَضْلِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْقَبُولَ وَالثَّبَاتَ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

أَبُو حَمْزَةَ

أَحَدُ السُّجُونِ الصِّهْيَوْنِيَّةِ

النِّصْفُ الْأَوَّلُ مِنْ 2022 م





وثائق قصة التحدي

أولاً: مراحل عمل المصحف (صفحة 19 كمثال)
ثانياً: الاطارات والترتيب